العالم الحديث

  

العالم الحديث

هل العالم الذي نعشيه الآن ونراه هل سيكون موجوداً لو أحدثنا بعض التغييرات التاريخية؟

لنصوغ عدة محاور يتمحور عالمنا عليها اليوم، الأولى وهي الدول العظمى فالآن نرى بعض الدول التي نستطيع أن نطلق عليها عظمى أو أنها دولة تتحكم بالعالم.. لكن لو ركزنا فسنجد دولة واحد ذات سيادة على العالم كله وهي الولايات المتحدة الأمريكية ثاني أكبر دولة القارتين الجديدتين، فهي الآن الأقوى عسكرياً ونفوذاً ولها قوة اقتصادية لا يستهان بها. ثانياً الديموقراطية والحرية وما شابهها ولنقل أنظمة الحكم فقد صنعت العالم الحديث بأكمله فالعديد من الدول في السابق كانت ملكية لكنها تغيرت إلى ديمقراطية لأسباب كثيرة... سنتجنب مناقشتها. ثالثاً الدين فهو لا زال وسيزال المتحكم الأول في مسرى التاريخ فمن بداية خلق الله الخلق العُقّل وجعلهم يعبدونه بالدين والعديد من الأمور تطورت بل فنت باسم الدين سواءً أكان حقاً دين صواب أم لم يكن كذلك فلا يوجد حضارة في التاريخ لم تعبد فالإنسان بطبيعته يجب أن يؤمن بشيء.

 

   بعد صياغتنا لتلك المحاور والتي أظن أني لا أجد نفسي قادراً على وصفها إلا أني أرى أن المحور الأول هو الأمثل للحديث عنه، فكما نعلم أن الولايات المتحدة من دول العالم الجديد التي اكتشفت عبر الكشوفات الجغرافية الأوربية من البرتغال وإسبانيا وبل أيضاً بريطانيا ولن نتطرق إلى جرائهم الشنيعة، بل إلى ما تم اكتشافه وهو العالم الحديث الذي يتمثل بقارتين شاسعة الأطراف مختلفة المناخات والحيوانات الجديد والنباتات التي لم يعرفها البشر بعد، كلها جاءت من تلك الديار، على الرغم أن كل من إسبانيا والبرتغال كانتا من الدول السباقة في مجال الاستكشاف لكن ذلك لم يكن مفيداً لهم في وقتنا الحالية بسبب استقلال تلك المستعمرات.

 

   قد تكون البداية في الموضوع صعبة بسبب أني أعتقد أن سبب النقلة الحالية هو اكتشاف العالم الحديث الذي سبب نهضة في جميع العالم، ورؤيتي لذلك الموضوع تجعل مني أتخيل ماذا لو وصل الإسلام إلى أمريكا قبل المستعمرين؟ وكان سؤالاً صعب الجواب! ولكن بعد تفكير وجدت تجسيداً وتمثيلاً لذلك السؤال.


في العام 1450م تقريباً انتهت العصور الوسطى التي كانت الدول الأوربية هاويةً فيها اقتصادياً وأخلاقياً وفكرياً، فقد بدأت الدول مثل إسبانيا والبرتغال بإنشاء الكشوف الجغرافية والتي نتج عنها حملات أوربية واسعة حول العالم.

بعد أن قضت قشتاله على التواجد الإسلامي في شبه الجزيرة الأيبيرية بدأت في تطوير ذاتها والاندماج الملكي مع آرجون، بدأت البرتغال بتمويل الحملات الاستكشافية للبحث عن طرق جديد إلى الهند بدلاً من الطريق الذي يمر بالدول العربية الإسلامية.

وكانت الدولة العثمانية آن ذاك في عزها وفي عصرها الذهبي! فقد بدأت بالتوسع بدايةً بسقوط القسطنطينية معلنةً بذلك إنهاء التواجد الروماني في هضبة الأناضول بل قضت على الإمبراطورية الرومانية الشرقية (بيزنطيا) وهذا جعل اسم العثمانيين يصل أصقاع العالم ولم تكن دولة المماليك بعيدةً عن ذلك فكانت قوة عالمية لا يستهان بها فهي تملك ميناء الإسكندرية الذي يعد من معقلاً اقتصادياً قوياً وكانت الدولة عسكرياً ذات بأسٍ شديد، وللأسف وعلى الرغم بأن العوامل تشير إلى قوة واعتزاز العالم الإسلامي آن ذاك إلا أننا نعرف بأن الدول الإسلامية لم تستطع البدء بخطط قوية تضمن لها المستقبل.

في ظني أن سبب التراجع الكبير والفجوة التي حدثت بين العالم العربي والغربي كانت...

ففيما كان الغرب بأجمعه المملكة المتحدة (بريطانيا) إسبانيا البرتغال هولندا بل حتى فرنسا منشغلين في تطوير ذاتهم ونشر قواتهم في استكشاف قارة جديدة أو وضع سيطرتهم على دول غنية بالموارد في أفريقيا وآسيا كان العالم العربي منشغلاً بالشكوك وعدم الثقة إذ قامت الحرب العثمانية ضد الصفويين وقد قيل أن العثمانيين خاطبوا المماليك بمساعدتهم لكن خوف الممالك من توسع الدولة العثمانية جعلهم يرفضون ذلك، وبعد أن انهت الحرب بين العثمانيين والصفويين كما هو معروف بالنسبة لنا بدأت الحرب بين الدولة العثمانية ودولة المماليك وعلى الرغم من أن المماليك كانوا أقوياء إلا أنهم لم يستطيعوا مجابهة إمبراطورية ناشئة ذات قوته رهيبة لذا سقطت الدولة المملوكية على يد العثمانيين وهذا بالتأكيد سبب خسائر لتلك الدولتين وبالأخص في مصر ولا أحد يستطيع الإنكار بأن تلك الخسائر سيكون لها وقع كبير في مستقبل المنطقة.



المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انتهى عصر البرمجة؟!

دلــــــــــة

تقرير عن معرض المدن الذكية بالعاصمة الرياض 2024

صورتي
صالح الحقيل
المجمعة, الرياض, Saudi Arabia
باحث عن المعرفة، عالم بيانات وقارئ متواضع، وذو قلم كسول. مهتم بالاقتصاد والتقنية. تغريداتي ما هي إلا إنعكاس لآرائي ووجهات نظري الخاصة.